مسافاتُ القلب
لم اعدْ أدري كلّ شيءٍ مغيّبْ
أنا نفسي في اللانهايةِ متعبْ
تعتريني تساؤلاتُ السُكارى
تركُها صعبٌ ، والحقيقةُ أصعبْ
أخلعُ الفكرةَ التي عشتُ فيها
مكثتْ أخرى ثم تجري وتذهبْ
مَنْ أنا ؟.. استرجعتُ السؤالَ مراراً
"وشعوري كمَنْ يُطاردُ أرنبْ"
صرتُ كالتالي للخرافةِ جهلاً
كلّ مَن يلحقِ الخرافاتِ يتعبْ
....
صاحَ بي صوتٌ من سويداءَ قلبي
قالَ : في داخلي الحقيقة أصوبْ
قالَ : لا يعرفُ الحقيقةَ إلّا
قلبُكَ الماشي في المسافاتِ أقربْ
لا تثقْ بالخطى إذا سرتَ درباً
فنفوذُ العيونِ في المشي مطلبْ
كلُّ مشيٍ يصوغُ للمرءِ درباً
لا تدعْ درباً يمتطيكَ لمكسبْ
لا تثقْ بالشفاهِ والنايُ فيها
ليسَ للنايِ سلطةٌ ؛ سوفَ يُغلبْ
قالَ : مزّقْ ثوبَ الحقيقةِ وافضحْ
صدرَها ، مَنْ يُخفِ الخطيئةَ مُذنبْ
قالَ دوّنْ : كلّ الحقيقةِ عنّي
كلّ مخمورٍ بالسياسةِ يكذبْ
كافرٌ مَنْ صلّى بقتلِ أخيهِ
مَنْ يرَ القتلَ سُنّةً هو عقربْ
كافرٌ مَنْ صلّى بجوعِ اليتامى
أو بعري الفقيرِ حجّ ليَرغَبْ
...
ذبحوا في الغارِ الحماماتِ عمداً
واستعاضوا عن الحمامةِ ثعلبْ
نحتوا من صليبِ عيسى حِراباً
مُذْ رأوا فيهِ أحمداً قد تطيّبْ
يولدُ المرءُ دونَ دينٍ
على فطرتهِ
حتّى ديّنوهُ بمذهبْ
زرعَ الأنبياءُ أديانُ عدلٍ
حَلقتها اللّحى بزورٍ لتنهبْ
قالَ : شكّكْ إذا رأيتَ مُصلّى
فاخراً حولهُ فقيرٌ معذّبْ
....
يا صديقي ،
إنّ المدائنَ فيها
طرقٌ والمسيرُ فيها مجرّبْ
يا صديقي ،
ففي المدائنِ زورٌ
والصحاري لم تغرِ قيساً وجندبْ
....
قالَ دوّنْ : لولا العواءُ لمرتْ
قافلاتٌ من دونِ أيّ تَعقُّبْ
وكذا الشهرةُ التي نبتغيها
بعواءِ الكلابِ تُأتى وتُطلبْ
....
قالَ : يا صاحِ للأسامي معانٍ
ووصالُ الأسماءِ بالبعضِ يُحسبْ
مع عيسى عاشَ الصليبُ زماناً
منذُ صلبِ المسيحِ للآنَ يُنصبْ
وكذا كربلاءُ عاشتْ وتبقى
مذْ قيامِ الحسينِ للآنَ تَلهبْ
....
كيفَ لم تنتبهْ ...
إلى العُريّ يوماً
فلهُ والثوارِ سرٌّ مركّبْ
يا صديقي ففي العراءِ سماءٌ
عكس ما في القصورِ
يا صاحِ ، تُحجبْ
إنتبهْ للثوّارِ دوماً تجدهم
وحدهمْ في العراءِ ... لا تتعجبْ
إنتبهْ ... أنْ تبدأْ بعقلكَ قبلَ ال
قلبِ أو بالكهّانِ قبلَ هُدى الرّبْ
خيري البديري

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق