المحطة ألأخيرة // قصة قصيرة // بقلم الأستاذ علي الحزين

. . ليست هناك تعليقات:

المحطة ألأخيرة
قصة قصير ..                                    

بقلم / على حزين
في صبيحة ذلك اليوم .. خرج مستعجل من البيت.. علي غير عادته .. يتأبط حقيبته الرمادية .. يقف في نفس المكان .. ينتظر الأتوبيس الذي يقله إلي العمل .. كجزء لا يتجزأ من روتينه اليومي .. واقف ينتظر حتى يفرغ النازلون.. فهو لم يعد قادراً علي المقاومة.. فجسمه النحيل يعجز علي دفع تلك الأجسام الضخمة , والتي تبدو من نظارته المقعرة , وكأنها قطعان من الفيلة الاستوائية .. تأفف في ضجر .. وهو يتمتم ساخطاً ...
ــ زحام .. زحام ...أ.أ.أ.ف ...!!
" سارينة " الأتوبيس تخرم أُذنيه .. يقفز.. متقززاً .. يدفعهُ رجل آدم .. في حنقٍ , واشمئزاز, يأمره بالإسراع حتى يمكنه المغادرة .. أومأ إليه برأسه وقد انتشرت ابتسامة صفراء بين طرقات وجهه , الذي حفرته الشيخوخة , والمرض .. استطاع أخيراً أن يجد مكاناً .. ليضع رجله في الأتوبيس , والأخرى علي السلم .. وهو متكالب علي حقيبته الرمادية .. التي يرقد بداخلها رواتب الموظفين .. أخرج من جيبه ــ بصعوبةٍ بالغةٍ ــ  ساعته " ماركة " التُرومّاي" لينظر فيها حتى يتأكد انه لم يتأخر عن موعده  يتوقف الأتوبيس .. ينزل بعض الركاب .. وقبل أن يصعد غيرهم .. كان قد وجد له مكان أخر أفضل وقف فيه.. أشعل سيجارة صنع محلي , أخذ نفساً عميقاً , احتسبه في صدره , ثم أطلقه في الهواء .. يلتحف وجهه المترهل دوائر الدخان .. يسعل بصوتٍ عالٍ .. ينصحه من بجواره .. بعدم التدخين مرة أخرى.. ويشرع في شرح مطول , عن أضرار التدخين , المادية , والصحية , فضلاًً عن حرمتها الدنية , .. و..و... يشحط نفساً أخر , وهو يهز رأسه , مستمعاً إليه , وقد طلب منه الدعاء له بالهدايا.. يسعل مرة أخري , حتى تتهاوى قواه ..
الأتوبيس يشبه علبة سردين .. تصفّح الوجوه التي لم تتغير كل صباح .. نفس المساحيق التي هي من الدرجة الرابعة , والتي تبعث علي الغثيان , والاشمئزاز , الهواء يكاد ينعدم  من حوله , شعر بالضيق , والاختناق ,
تذكر ..." أنه لم يدفع إيجار الشقة منذ ثلاثة أشهر , والبقال البارحة ألمح له عن الحساب "  شحط نفساً عميقاً من السيجارة , واسترسل في تداعياته " أما المعلم  " سيد " ردّه البارحة  وهو خاسئاً عندما رفض أن يقطع له نصف كيلو لحمة علي " ألنوته ".. أبتسم وهو يتكأ علي الباب , واثقاً من حقيبته , التي احتواها تحت جناحيه , اللذين ينزا عرقا , نظر إلي حذائه المتآكل .. وتذكر أنه لم يغيره منذ فترة طويلة ,
ــ المحطة اللي جاية للنازل ..؟!.
نزل كثيرون , وصعد أكثر, وهو كما هو, مرابطاً في مكانه , يخشى أن يتأخر, ويحذر الزحام , يقع بصره علي فتاة حسناء, تكاد العيون تلتهمها , يقترب منه " الكُمسارى "..
ــ اشتراك ..!!
ــ .........
يأخذ نفساً أخير من السيجارة قبل أن يلقي بها من الباب لتتطاير في الهواء .. يتذكر ..." عم بسيوني حين يفرُك يديه .. حتى يَعُدّ ورائي راتبه ... هو لا يتهمني ــ لا سامح الله ــ ولا يشك في ذمتي ..ولكن يخشى أن أنسى لحكم السن ... أما الأستاذ " محمد " فسوف يأتيني كعادته .. يغمزني بسيجارة , وكوب الشاي الساخن .. حتى أعد له راتبه .. قبل زملائه .. يتمتم .. " معذور يريد أن يتزوج .. خطيبته هددته في أخر لقاء بينهما .. إما الشقة , وإما أن ترد له دبلته , فعمتها معها عريس " متريش قوي" ومستعجل كمان" ــ علي حد قولها ــ  " يحدّث نفسه ..
ــ آآه..معذور يا أستاذ " محمد " أنت وأمثالك .. الدنيا غلا وبلا .. والفقر ينهش في أخلاق الناس ...!!! .
ــ أيه الوقاحة وقلة الأدب دي ..؟!!!
يعم الركاب فوضى ..هرج , ومرج , وصياح .. وهو ما زال مرابط في مكانه , ممسكاً بحقيبته كأسدٍ ممسكاً بفريسته , يصفر الكمساري , يقف الأتوبيس , ينزل بعض الركاب, ويصعد آخرون , ألمح الفتاة وقد أجلسها شاب بجواره .. تجلس وهي تصلح من فستانها ... قائلة  بصوتٍ مرتفع :
ــ قلة أدب ...!!
أحد الصبيان يحمل فوق رأسه.. حزمة من الجرائد .. والمجلات .. يزعق بمد صوته الحار ...
ــ اقرأ الحوادث ... الإرهاب ... جريمة الاغتصاب الأخيرة ..؟ !!.
راح  يقلب عينيه بين المنشطات الملونة.." إسرائيل تعتدي على ........   " الكروات والصّرب يحتلون.....".. الأمم المتحدة تقول ... العراق .....  " مصر"....... وإعدام 47 إسلامياً متطرفاً في الجزائر ....           يهمس شاب في أذنه ..
ــ أخبار الرياضة لو سمحت ..؟!!!
أشارت إليه إحدى السيدات ...  بالجلوس في المقعد المجاور ... يجلس في حذر شديد ... فكثيراً ما قرأ .. أو سمع عن السرقة... من خلال فتاة جميلة  تستدرج الضحية بالكلام .. و.. و....... يخرج علبة سجائره .. يشعل النار في واحدِة ... ينظر من نافذة الأتوبيس ...  والذكريات تتقافز في رأسه .. أخرج منديله البنفسجي ليجفف عرقه المتساقط .... ينظر إلي المرأة الجالسة بجواره  .... وقصص السرقات تملأ رأسه ... و.....
*******************************
على السيد محمد حزين ــ سوهاج ــ مصر

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

3efrit blogger


أنا أبنك ياعراق وعاشگك حد الجنون لو تخون الدنيا كلها لا تظن أبنك يخون . أنا عــراقـي

تابعونا على الفيس بوك


مؤسسة السياب الإليكترونية تجمع ثقافي عربي بلا حدود

هل تعلمين .. وأنا أبحثُ عنّي ؟! كنتِ هنا فأكتفيتُ بأنكِ امرأتي التي حلمتُ بها لأرتديها قصيدة وألوّنها بالحروف . منى الصرّاف / العراق

# إبتسم .. الدنيا متسوه - ما إجتمع أربعة رجال بمكان واحد إلا وكانت النار وراء أفعالهم ! وما إجتمعت ثلاثة نساء بمكان آخر إلا وأحرقنّ الرابعة الغائبة ! منى الصرّاف / العراق

مؤسسة السياب للثقافة والآداب

مؤسسة السياب للثقافة والآداب

كل عام والمرأة اينما كانت بالف خير انتم نحن .. بعيدا عن فوضى الهويات .. نسكن الارض نفسها ونتنفس الهواء ذاته انه التعايش الانساني المشترك .. تجاوزنا حاجز الثقافة واللغة واسسنا لغة الجمال .. ( بقليل من الطين وكثير من الحب هكذا تصنع الاوطان ) منى الصرّاف / العراق

من منّا حين عجزت أدواته لم يحلم بفانوس سحريّ أو بساط طائر لتحقيق أمنياته ليصحو بعد ذلك لعيش قسوة الحياة ، كيف باستطاعتنا الدخول في معركة بمفردنا نعرف سلفا سنخرج منها بخسارة كبيرة ، حتى لو امتلكنا الشّجاعة لمطاردة أحلامنا ، فكيف نصل الهدف دون معرفة أدواته ، فللشجاعة أيضا أدواتها ، حين تكون اليد خالية فأحلامنا سرعان ما تذبل ، أمّا البطولة فهي تحدث فقط ! دون التخطيط لها . منى الصرّاف / العراق من رواية ( للعشق جناحان من نار )

روايتي ( بتوقيت بغداد ) وفي اول طرح لها في بغداد بعد مشاركتها في العديد من المعارض الدولية الصادرة عن دار النخبة في جمهورية مصر العربية ومجموعتي القصصية ( للخوف ظل طويل ) في طبعتها الثانية الصادرة عن دار كيوان في سوريا ستجدونها في بغداد - شارع المتنبي - مجمع الميالي في دار ومكتبة ... ( الكا ) للنشر وبامكان الدار ايصالها لاي شخص يرغب من المحافظات العراقية حين الاتصال بهاتفهم المعلن على واجهتها . الكاتبة والشاعرة منى الصراف

الـنصوص الأكثر قــراءة من قبل الزائرين

مجلة السياب الليكترونية / قــسم الارشيف

آخر المشاركات على موقعنا

لـــوجـه ابي بقلم الاستاذ الأديب جاسم العبيدي

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

الصفحة الرئيسية

مـن أجـل سـلامـتـك .... بـس خـليـك بالـبيت 🙆🙋🙇👫

مـن أجـل سـلامـتـك .... بـس خـليـك بالـبيت        🙆🙋🙇👫
نصائح للجميع حول الوقاية من جائحة كورونا: ١- أهمية التباعد الإجتماعي كون فيروس كورونا لم يثبت الى اليوم انتقاله عبر الهواء لذا خليك بالبيت وعند اختلاطك بالناس إحرص ان تكون المسافة بينك وبين الاخرين من متر ونص الى مترين . ٢- غسل اليدين بالماء والصابون بإستمرار ولمدة 40 ثانية عند خروجك من الأسواق والأماكن العامة وتجب ان لا تلمس وجهك أثناء وجودك بالأماكن العامة ، ويفضل عند تواجدك بالأماكن العامة أن ترتدي قفازات عند دخولك البيت يجب وإزالتها . ٣- لست بحاجة إلى ارتداء الكمام الطبي إلا اذا كنت تعاني من العطس او عندك شكوك أنك مصاب بفيروس كورونا ، ولكن يفضل إرتدائها عندما تكون في الأسواق والأماكن العامة حتى تتجنب لمس وجهك دون إدراكك على أن يتم رميها والتخلص منها قبل دخولك البيت وانتبه أن تكون إزالتها عن الوجه بالطريقة الصحيحة حتى تتجنب ملامسة اليد لها وذلك عن طريق رفع الخيط المتصل بالأذن اليسرى بإستخدام اليد اليمنى وسحبها باتجاه الإذن اليمنى أو العكس بالعكس دون ملامسة الوجة الخارجي للكمامة. ٤- إحرص على غسل مقابض أبواب البيت الرئيسية بالماء والصابون عند دخول أي فرد من أفراد العائلة.

About the site to your language

مساحة إعلانية

شروط النشر في مجموعتنا على الفيس بوك

1- يمنع منعاً باتاً مشاركة المنشورات والفديوات في النشر ولوحظ بعض المسؤولين والمشرفين بممارسة هذة الممارسه الخاطئة للاسف يمنع منعاً باتاً منح الموافقات للمنشورات الطائفية والتي فيها تجاوزعلى الذات الالهية والرموز الدينية والتاريخية ومنشورات الاعلانات التجارية 2- يمنع نشر بطاقات التهنئة للمناسبات الدينية والوطنية وتحية الصباح والمساء الامن قبل رئيس مجلس الادارة ومدير التحرير للمجلة ومن ينوبهما فقط 3 -تحدد المنشورة بمنشور واحد فقط للعضوا في اليوم اعتباراً من هذا اليوم1تموز2017 واثنين للمسؤولين والمشرفين تقديراً لجهودهم على الجميع الالتزام بما ورد اعلاه مع الشكر والتقدير للجميع . الاستاذ الأديب الشاعر ماجد محمد طلال السوداني مستشار مؤسسة مؤسسة السياب اليكترونية للادب والثقافة والمشرف الاداري العام للمؤسسة والمسؤول عن تنفيذ سياستها

مساحة إعلانية

مؤسسة السياب للثقافة والآداب للمزيد من المعلومات والاستفسار الإتصال بنا على الهاتف مراعاة الرمز البلد(العراق) 00964 07803776116

تــــنويــة

كاريكاتير اليوم

كاريكاتير اليوم