الى شهيد الكلمة الحرة هشام الهاشمي
{ صرخة في وادي الاوثان }
الكلمة الحرة هي الكلمة التي تشق على الطغاة عصا الطاعة وهي التي تنتشر بين الناس كما ينتشر العطر ، والكلمة الحرة هي الكلمة التي لا تنحني للسياسة ولا للفرد ولا لحكمه المتعصب.
غالبية الحكام العرب تتحول أراؤهم إلى كتب مقدسة مع ان كلماتهم تافهة في المجتمعات الديمقراطية الحرة ولكنها ذات قيمة عالية في المجتمعات المحكومة للفرد وأهوائه وتطلعاته .
والكلمة الحرة هي التي تحرر العقول من ظلامها وتحرك خلايا الدماغ وتحثها على التفكير وكلمة الحاكم المستبد هي الكلمة الجامدة التي لا تقف عند علامات الترقيم ولا تهتم بالفواصل.
الكلمة الحرة تقتل الطغاة والمستبدين وتكشفهم للناس فتسقطهم من مراتبهم العليا إلى منزلة ما دون الصفر المأوي.
الكلمة الحرة هي كلمة الشعب التي تقف على حدود الفواصل والنقاط وعلامات الترقيم وكلمة المستبد هي الكلمة المصابة بجنون العظمة وتريد أن تحكم الناس في حياة أصحابها وبعد مماتهم.
الكلمة الحرة لا يمكن لها أن تعيش في أجواء الإستبداد العربية ولا يمكن أن يبدع المثقفون العرب طالما هم في منازل بني عبس وتميم وقريش...فصحف بني عبس لا تتناسب مع أجواء العصر الحديث وكتاب بني قريش الديني لا يظهر به أي إعجاز في عصر تطور العلوم المدنية والتكنولوجية الحيوية .
الكلمة الحرة مثلها مثل الزهرة لا تعيش في أجواء الشوك والنفايات وللكلمة الحرة رائحة زكية وللكلمة المستبدة رائحة كريهة نشتمها على بعد أميال قبل وصولها إلينا .
الكلمة الحرة تتحول في المجتمعات العربية إلى تصفيق وهتافات بدل أن تبقى إسلوب نقاش وحوار وتتحول الأقلام إلى مدافع رشاشة ويتحول الحبر الأزرق إلى دم أحمر أحمر أحمر! غامق.
الكلمة الحرة تزعج الحكام العرب فيبنون لها مصائد تصطاد المغفلين ويخرسون الألسنة بالدعايات ويوضفون عساكر هدم للحريات وينغصون على الناس حياتهم ويزعجوننا بكثرة موآمراتهم على الكتاب والأدباء والشعراء لذلك عمر المثقف في الدول العربية قصير جدا جدا جدا .
والكلمة الحرة لا تقطع بالسكين ولا بحد السيف والكلمة الحرة تعيش أكثر من كلمة الحاكم الفردي المستبد وللكلمة الحرة أجنحة كأجنحة الطيور وأجنحة الملائكة وصاحب الكلمة الحرة يعيش أكثر من قاتله وجلاده وسيافه .
وحكم الفرد المستبد مهما تعالى في جبروته يبقى مستبدا وهو يعلم أن الناس غير مقتنعة بإسلوبه في الحكم والسياسة لذلك فهو يضطر لشراء ولاء الناس له بالأموال والذهب والفضة أما أصحاب الكلمة الحرة فإن الناس تدفع لهم ولا يدفعون هم لأحد .
وصاحب الكلمة المستبدة تموت كلمته بعد وفاته وغالبا قبل أن يدفن ويواري جسمه التراب وصاحب الكلمة الحرة تعيش كلمته ما دامت الأرض تدور والسماء زرقاء .
وبعيش صاحب الكلمة الحرة بين الناس وفي قلوبهم وأفئدتهم وصاحب الكلمة المستبدة تعيش كلمته فقط في قصره وبيته ولا تتعدى الأذن الوسطى أما الكلمة الحرة فإنها تخترق الصدر والرئتين لتعيش في القلوب والعيون المدمعة.
وصاحب الكلمة المستبدة تختنق وتحترق في مزابل التاريخ وتشهد على نذالة صاحبها وخسته وحقارته وصاحب الكلمة الحرة تشهد كلمته على رقة قلب صاحبها وحيويته ومهارته في إشباع القلوب والضمائر الحية .
وللكلمة المستبدة أعوان مأجورون كأعوان هارون الرشيد الذي قالت له زوجته حين رأت الناس قد تركت الخليفة في موسم الحج وذهبت إلى زين العابدين :
هذا هو السلطان الحقيقي يا هارون وليس سلطانك الذي يجمع بالسيف والدنانير.
ولصاحب الكلمة الحرة عشاق ولصاحب الكلمة المستبدة فئران وجرادين ومجانين غير مسؤلين عن تصرفاتهم وللكلمة الحرة عشاق مسؤلين عن عشقهم وحبهم وعن تصرفاتهم .
وللكلمة المستبدة سيوف وبنادق وللكلمة الحرة عطور وزهور من أفخم أنواع الزهور.
وصاحب الكلمة الحرة تجد له جلاد واحد وسياف واحد يقتله الجلاد والسياف كي يعيش صاحب الكلمة المستبدة أما صاحب الكلمة الحرة فإنه يموت كي يعيش من بعده مليون إنسان وإنسان يضحي من أجل نفسه ومن أجل شرف الكلمة ومن أجل الأطفال والأرامل والمتعبين في السماء والأرض.
وأصحاب الكلمات المستبدة يقاتلون وظهورهم مكشوفة للتاريخ وللناس بلا شرف ، عواهر راقصون في مخدع الطواغيت .
اما أصحأب الكلمة الحرة فيقاتلون وصدورهم مكشوفة ، لانهم اصحاب رسالة وطنية وانسانية ، مؤمنون بأن برسالتهم ، وان غالهم ارباب الظلام ، مستمرة الحياة في وحدان أصاحب الوعي الحر
ـ باسم العراقي ـ

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق