بأنتظار الطاغية
د.هاشم عبود الموسوي
لم يعد لدي شك بأن
الوضع الذي نحن عليه سيؤدي الى قبول ظهور الدكتاتور الطاغية .. فلنقرأ ما كتبه إفلاطون في جمهوريته "افلاطون : الجمهورية" 466 ولنتنبأ بالآتي :
یبدو أن أفلاطون كان على حق عندما ذھب إلى أن ظھور الطاغیة
مرھون بوجود ضرب من الفوضى أو التسیب في الدولة بحیث یكون
الذي یعید النظام والأمن والاستقرار إلى البلاد حتى "المنقذ " ھو
یشعر كل مواطن أنھ آمن على نفسه وأھله وماله ...الخ .یقول أندروز
إنھم كانوا یظھرون في فترات الأزمات "طغاة الإغریق" في كتابه عن
بحیث یكون المبرر العام الشائع الذي یسوغون به الطغیان - وھو
نفسه تبریر الدكتاتوریة الآن-ھو قدرة الطاغیة أو الدكتاتوریة
على النھوض بحكومة فعالة بعد أن أصبح جھاز الدولة عاجزا عن مواجھة
الأزمات التي تظھر بسبب ضغوط خارجیة أو توترات داخلیة ومن
ثم كان الأمل ینعقد على ظھور حاكم قوي یعید النظام والاستقرار إلى
المدینة الیونانیة ھو :الطاغیة وإن كان أندروز نفسه یستطرد
عندما كانت الحاجة تدعو إلى وجود طاغیة فإنھ عندما یحكم : » لیقول
كان یذھب في حكمه أبعد من الأزمة التي جاء لیعالجھا فالضرورة
العامة شيء یتحد مع الطموح الشخصي ولكن الفصل بینھما بوضوح
فضلا عن أنه لیس من السھل على الحاكم المطلق أن یتقاعد.!
وفضلا عن ذلك فإن الصورة التي رسمھا أفلاطون للطاغیة مأخوذة
من سیرة دیونسیوس الأول في سیراقوصه حیث جاء ھذا الطاغیة
في أعقاب الدیمقراطیة أو بعبارة أدق نتیجة للاضطرابات التي حدثت
في الجزیرة وأدت إلى ما یشبه الفوضى ومن ھنا نجد أفلاطون
یشیر إشارة واضحة إلى "الجمھوریة" في إحدى فقرات محاورة تجربته
أنه یكاد "أرنست باركر" الخاصة في سیراقوصه عام ۳۸۷ ق .م ویلاحظ
یخرج من نطاق المحاورة ویتحدث بلسانه الشخصي ویرجو سامعیه أن
عاش مع "في مقدرته الحكم" یفھموا أن حكمه على الطاغیة ھو حكم رجل
الطاغیة في مكان واحد ولمس حیاته الیومیة وعرف كل شيء عن علاقاته
العائلیة یتولى الطاغیة الحكم في الأصل لكي ینقذ البلاد من حالة الفوضى
التي تتردى فیھا ویبدأ في الأیام الأولى من حكمه في التقرب من الناس:
في مبدأ الأمر لا یلقى كل من یصادفه إلا بالابتسام والتحیة ویستنكر كل »
طغیان ویجزل الوعود الخاصة والعامة ویعفي من الدیون ویوزع الأرض
على الشعب وعلى مؤیدیه ویتصنع الطیبة والود مع الجمیع وفي
الوقت ذاته یبدأ في تكوین حرس قوي حوله بحجة المحافظة على مطالب
الشعب ومراعاة لمصلحة الشعب ذاته وبعد تكوین الحرس الجید الذي یلتف حوله لحمایته یبدأ في تأمین وجوده في الداخل والخارج فبالنسبة لأعداء البلاد في الخارج فإنه یتفاوض مع بعضھم ویقاتل البعض الآخر حتى یتخلص منھم بشتى الطرق .ثم یتجهوعندما یأمن ھذا الجانب فانه لا : » إلى الداخل فیتخلص من المناوئین له یكف أولا عن إشعال الحرب تلو الأخرى حتى یشعر الشعب بحاجته إلىقائد .وكذلك حتى یضطر المواطنون الذین أفقرتھم الضرائب إلى الانشغال
بكسب رزقھم الیومي بدلا من أن یتآمروا علیه نفسه سیدا مطاعا فانه لا یجد غضاضة "زعیم الشعب" وعندما یجد في سفك دماء أھله فھو یسوقھم إلى المحاكمة بتھم باطلة وھي طریقة مألوفة لدى ھذه الفئة من الناس إنه یحتقر القوانین المكتوبة وغیر المكتوبة و لما لم یكن شيء یقف في وجه الطاغیة المستبد فانه یصبح عبد الجنون أو ینقلب حكمه إلى كارثة فھو یقتل المواطنین ظلما وعدوانا ویذوق بلسان وفم دنسین دماء أھله ویشردھم ..عندئذ یصبح ھذا الرجل طاغیة ویتحول إلى ذئب یبدأ في "نصیر الشعب" وبالمثل فان الحاكم الجبار الذي أمسك بدفة الحكم باسم سفك دماء شعبه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق