"شارلي شابلن " بعد أن أصبح لا يطيق الصمت ! // بقلم الأستاذ د. هاشم عبود الموسوي

. . ليست هناك تعليقات:

"شارلي شابلن " بعد أن أصبح لا يطيق الصمت !
ما الذي فعله ، إليكم قصته
د.هاشم عبود الموسوي

الديكتاتور العظيم (1940) The Great Dictator
إن ظاهرة مثل الفاشية هي التي جعلت شارلي يتخلّى عن استمراره في إنتاج أفلام صامتة ويتكلم، ولذلك كان «الدكتاتور العظيم» أول فيلم ناطق لشابلن. فكّر شارلي في الفيلم بعد أن انتهى مباشرة من تصوير فيلم «العصور الحديثة» سنة 1936، إذ كانت الدعاية النازية آنذاك على أشدها، وكانت الدول الأوروبية في تراجع مستمر أمام انتشار الفاشية، فبريطانيا تهادن هتلر، وفرنسا تلزم الصمت، وأمريكا تعود إلى عزلتها، ولا أحد يدري بما يمكن أن يؤدي إليه صعود هتلر من كوارث على العالم.
كان شارلي يعرف أخبار ألمانيا في ذلك الوقت من المهاجرين القادمين من هناك ومن الصحف والأخبار المصورة سينمائيًا، والتي كانت دائمًا ما تعرض في صالات العرض. وبعد سنة 1938 عندما توسعت النازية خارج ألمانيا ونجحت في ضم النمسا وابتلاع يوغوسلافيا سنة 1939، شعر شابلن بالخطر، وأدرك أن حربًا أخرى قادمة لا محالة، وعندئذ تحمس لفكرة الفيلم مرة أخرى، وأخذ في الإعداد له، وبدأ في تصويره سنة 1939، أي في السنة التي نشبت فيها الحرب العالمية الثانية بعد احتلال ألمانيا لبولندا.
تدور أحداث الفيلم حول الحلاق اليهودي الفقير في دولة تومانيا (ألمانيا) الذي يصاب في الحرب العالمية الأولى ويدخل في غيبوبة طويلة لسنوات، ليخرج من المستشفى بعد صعود أدنويت هنكل (أدولف هتلر) للسلطة. ولا يعلم الحلاق بأمر اضطهاد هنكل لليهود، ويفاجأ بجنود فرق العاصفة يغلقون محله ويدخل معهم في مطاردات مضحكة. وأخيرًا، يتخفّى الحلاق في زي عسكري، ونظرًا للشبه الكبير بينه وبين هنكل الدكتاتور يخطئ جنود الحراسة ويحيون الحلاق التحية العسكرية، ويأخذونه إلى احتفال عسكري ليلقي خطبة. وهنا يتجاوز شابلن شخصية الحلاق ويلقي خطبة باعتباره شابلن الفنان، محذرًا فيها من أخطار الدكتاتورية.
وعلى الرغم من أن الفيلم ناطق، فإنه مليء بالمشاهد الصامتة، مثل مشهد الدكتاتور وهو يلعب بالكرة الأرضية تعبيرًا عن هوسه بحلم احتلال العالم، وفي خلفية المشهد يظهر تمثال نصفي لقيصر تعبيرًا عن الرغبة في تقليد القياصرة بإنشاء إمبراطورية.
شارلي شابلن، من فيلم «الدكتاتور العظيم»
كما يحتوي الفيلم على مشهد للدكتاتور وهو يخطب أمام ضباطه وجنوده، وهو نموذج بديع لقدرة شارلي على تقليد هتلر، وعلى الرغم من أن الخطبة يبدو منها أنها بالألمانية فإنها ليست كذلك، فهي تقليد من شارلي للنطق الألماني لا معنى له. وبالتالي فإن القيمة الحقيقية لهذا المشهد ليست فيما يقوله شارلي لأنه لا معنى له، بل في أسلوبه في تقليد هتلر.
شارلي شابلن، من فيلم «الدكتاتور العظيم»
يبدو في الفيلم أن شارلي يقلد هتلر، لكن شارب هتلر الشهير هو أيضا شارب شارلي الذي اشتهر به منذ 1914، فمن في الحقيقة يقلّد من؟ إن هتلر هو الذي يقلّد شارلي لا العكس. لقد عملت نجومية شارلي على انتشار ذلك الشارب القصير، إذ كان آنذاك موضة جديدة تختلف عن الشارب التقليدي العريض والمدبّب. وقد بدأ هتلر في مسايرة تلك الموضة في العشرينيات رغبة منه في التقرّب من الجماهير ومن رجل الشارع، ورغبة أيضًا في الاختلاف عن القادة والسياسيين الألمان القدامى أصحاب الشوارب العريضة المدببة.
وعندما زار شابلن ألمانيا سنة 1931 كان الحزب النازي في بداية صعوده هناك، ولفت نظر شابلن ملصق دعائي به صورة هتلر، فلاحظ استعارة هتلر لشاربه الشهير الذي كان بمثابة علامته التجارية، وهذا ما أغضبه للغاية، ومنذ ذلك الوقت قفزت إلى ذهنه فكرة أن يقوم بتقليد هذا الدكتاتور في فيلم سينمائي.
ومن الغريب أن يقلّد شارلي التقليد، يقلّد شخصا يقلّده هو، وكأنّه يُذكّر المشاهد أن شارب هتلر هو شارب شخصيته التي ابتدعها؛ والمفارقة هنا تتمثل في تقليد الأصل (شارلي بشاربه) للتقليد (هتلر بشاربه المستعار من شارلي)، وفي أن تكون الشخصية الهزلية هي الأصل والزعيم السياسي الكاريزمي هو التقليد. والحقيقة أن ما مكن شابلن من أداء هذا الدور هو شبه حقيقي بينه وبين هتلر.
شارب شارلي شابلن الذي قلّده هتلر
ولأوّل مرة في تاريخ السينما يخرج الممثل عن دوره في الفيلم ويظهر بشخصيته الحقيقية، إذ بعد أن يتخفّى الحلّاق في الزي العسكري ويخطئ الضباط ويعتقدونه الدكتاتور، يأخذونه إلى استعراض عسكري ليلقي خطبة. وهنا يتجاوز شارلي شخصية الحلّاق وينظر مباشرة نحو الكاميرا موجهًا كلامه للجمهور في خطبة تتضح فيها نزعته الإنسانية، محذرًا من أخطار الدكتاتورية. يقول شابلن في خطبته:
آسف.. لا أريد أن أكون إمبراطورًا.. فليس هذا من شأني.. لا أريد أن أحكم أو أغزو أحدًا.. بل أحب أن أساعد الجميع إن أمكن.. الأسود والأبيض على السواء.. إننا جميعًا نريد مساعدة بعضنا البعض.. فهذه هي طبيعة البشر.. نريد أن نعيش عن طريق سعادة الكل لا شقاء الكل.. ولا نريد أن نكره ونحتقر.. ففي هذا العالم متسع للجميع.. والأرض الطيبة غنية وتستطيع إعاشة كل من عليها.. والحياة يمكنها أن تكون حرة وجميلة.. لكننا فقدنا الطريق.. فقد سيطر الجشع على نفوس الناس.. وملأ العالم كراهية.. وقذفنا إلى البؤس وحمامات الدم.. لقد طورنا السرعة لكن حبسنا أنفسنا داخل أنفسنا.. الآلات التي تعطي الوفرة تركتنا في عوزٍ.. معارفنا جعلتنا شكاكا.. ذكاؤنا جعلنا متصلبين.. نفكر كثيرًا لكن إحساسنا قليل.. نحتاج الإنسانية أكثر من الآلية.. نحتاج الطيبة والتهذب أكثر من الذكاء والدهاء.. فبدون هذه الأشياء تصير الحياة عنيفة.. ويضيع كل شيء.. الآن يصل صوتي إلى ملايين الناس في كل أنحاء العالم.. ملايين من الرجال والنساء والأطفال اليائسين.. الخاضعين لنظام يستعبد البشر ويعتقل الأبرياء.
وبعد عرض الفيلم في إنجلترا بأيام قام الحزب الشيوعي الإنجليزي بطبع الخطبة وتوزيعها كمنشور.

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

3efrit blogger


أنا أبنك ياعراق وعاشگك حد الجنون لو تخون الدنيا كلها لا تظن أبنك يخون . أنا عــراقـي

تابعونا على الفيس بوك


مؤسسة السياب الإليكترونية تجمع ثقافي عربي بلا حدود

هل تعلمين .. وأنا أبحثُ عنّي ؟! كنتِ هنا فأكتفيتُ بأنكِ امرأتي التي حلمتُ بها لأرتديها قصيدة وألوّنها بالحروف . منى الصرّاف / العراق

# إبتسم .. الدنيا متسوه - ما إجتمع أربعة رجال بمكان واحد إلا وكانت النار وراء أفعالهم ! وما إجتمعت ثلاثة نساء بمكان آخر إلا وأحرقنّ الرابعة الغائبة ! منى الصرّاف / العراق

مؤسسة السياب للثقافة والآداب

مؤسسة السياب للثقافة والآداب

كل عام والمرأة اينما كانت بالف خير انتم نحن .. بعيدا عن فوضى الهويات .. نسكن الارض نفسها ونتنفس الهواء ذاته انه التعايش الانساني المشترك .. تجاوزنا حاجز الثقافة واللغة واسسنا لغة الجمال .. ( بقليل من الطين وكثير من الحب هكذا تصنع الاوطان ) منى الصرّاف / العراق

من منّا حين عجزت أدواته لم يحلم بفانوس سحريّ أو بساط طائر لتحقيق أمنياته ليصحو بعد ذلك لعيش قسوة الحياة ، كيف باستطاعتنا الدخول في معركة بمفردنا نعرف سلفا سنخرج منها بخسارة كبيرة ، حتى لو امتلكنا الشّجاعة لمطاردة أحلامنا ، فكيف نصل الهدف دون معرفة أدواته ، فللشجاعة أيضا أدواتها ، حين تكون اليد خالية فأحلامنا سرعان ما تذبل ، أمّا البطولة فهي تحدث فقط ! دون التخطيط لها . منى الصرّاف / العراق من رواية ( للعشق جناحان من نار )

روايتي ( بتوقيت بغداد ) وفي اول طرح لها في بغداد بعد مشاركتها في العديد من المعارض الدولية الصادرة عن دار النخبة في جمهورية مصر العربية ومجموعتي القصصية ( للخوف ظل طويل ) في طبعتها الثانية الصادرة عن دار كيوان في سوريا ستجدونها في بغداد - شارع المتنبي - مجمع الميالي في دار ومكتبة ... ( الكا ) للنشر وبامكان الدار ايصالها لاي شخص يرغب من المحافظات العراقية حين الاتصال بهاتفهم المعلن على واجهتها . الكاتبة والشاعرة منى الصراف

مجلة السياب الليكترونية / قــسم الارشيف

آخر المشاركات على موقعنا

لـــوجـه ابي بقلم الاستاذ الأديب جاسم العبيدي

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

الصفحة الرئيسية

مـن أجـل سـلامـتـك .... بـس خـليـك بالـبيت 🙆🙋🙇👫

مـن أجـل سـلامـتـك .... بـس خـليـك بالـبيت        🙆🙋🙇👫
نصائح للجميع حول الوقاية من جائحة كورونا: ١- أهمية التباعد الإجتماعي كون فيروس كورونا لم يثبت الى اليوم انتقاله عبر الهواء لذا خليك بالبيت وعند اختلاطك بالناس إحرص ان تكون المسافة بينك وبين الاخرين من متر ونص الى مترين . ٢- غسل اليدين بالماء والصابون بإستمرار ولمدة 40 ثانية عند خروجك من الأسواق والأماكن العامة وتجب ان لا تلمس وجهك أثناء وجودك بالأماكن العامة ، ويفضل عند تواجدك بالأماكن العامة أن ترتدي قفازات عند دخولك البيت يجب وإزالتها . ٣- لست بحاجة إلى ارتداء الكمام الطبي إلا اذا كنت تعاني من العطس او عندك شكوك أنك مصاب بفيروس كورونا ، ولكن يفضل إرتدائها عندما تكون في الأسواق والأماكن العامة حتى تتجنب لمس وجهك دون إدراكك على أن يتم رميها والتخلص منها قبل دخولك البيت وانتبه أن تكون إزالتها عن الوجه بالطريقة الصحيحة حتى تتجنب ملامسة اليد لها وذلك عن طريق رفع الخيط المتصل بالأذن اليسرى بإستخدام اليد اليمنى وسحبها باتجاه الإذن اليمنى أو العكس بالعكس دون ملامسة الوجة الخارجي للكمامة. ٤- إحرص على غسل مقابض أبواب البيت الرئيسية بالماء والصابون عند دخول أي فرد من أفراد العائلة.

About the site to your language

مساحة إعلانية

شروط النشر في مجموعتنا على الفيس بوك

1- يمنع منعاً باتاً مشاركة المنشورات والفديوات في النشر ولوحظ بعض المسؤولين والمشرفين بممارسة هذة الممارسه الخاطئة للاسف يمنع منعاً باتاً منح الموافقات للمنشورات الطائفية والتي فيها تجاوزعلى الذات الالهية والرموز الدينية والتاريخية ومنشورات الاعلانات التجارية 2- يمنع نشر بطاقات التهنئة للمناسبات الدينية والوطنية وتحية الصباح والمساء الامن قبل رئيس مجلس الادارة ومدير التحرير للمجلة ومن ينوبهما فقط 3 -تحدد المنشورة بمنشور واحد فقط للعضوا في اليوم اعتباراً من هذا اليوم1تموز2017 واثنين للمسؤولين والمشرفين تقديراً لجهودهم على الجميع الالتزام بما ورد اعلاه مع الشكر والتقدير للجميع . الاستاذ الأديب الشاعر ماجد محمد طلال السوداني مستشار مؤسسة مؤسسة السياب اليكترونية للادب والثقافة والمشرف الاداري العام للمؤسسة والمسؤول عن تنفيذ سياستها

مساحة إعلانية

مؤسسة السياب للثقافة والآداب للمزيد من المعلومات والاستفسار الإتصال بنا على الهاتف مراعاة الرمز البلد(العراق) 00964 07803776116

تــــنويــة

كاريكاتير اليوم

كاريكاتير اليوم