علم الجمال / لمحة تاريخية وآراء /بقلم الأستاذ الأديب الشاعر المبجل باسم عبدالكريم الفضلي /العراق

. . ليست هناك تعليقات:

{ علم الجمال / لمحة تاريخية وآراء }
من الصعوبة بمكان تحديد البدايات التاريخية لهذا العِلم ، وبالتالي صعوبة تحديد دلالة مفهوم الجمالية (AESTHETICISM)، فعلم الجمال
( ويعني : وصف وتفسير الظواهر الفنية )،مؤسَّسٌ على التجربة الجمالية التي تُفهَمُ بواسطة قياسات مستمَدَّة من جملة علوم اخرى كعلم النفس وعلم الاخلاق وعلم الاجتماع وعلم التاريخ وغيرها ، حيث تتشابك في مناهجها ومدلولالتها مع موضوعة ( الجمال ) بهذه الدرجة او تلك ،كما أن
الظاهرة الفنية ترجع في بداياتها الاولى الى العصور الحجرية ( الكهوفية )، حيث نشأت في حضن العادات والتجارب البشرية البدائية بما فيها من ( عرافة ) وسحر وسائر اشكال ( محاكاة الطبيعة وتقليدها )
والطقوس العبادية الاولى ، ومع نشوء الحضارات والانماط الثقافية والانسانية المختلفة وما احرزته حركة التطور ونضوج التفكير الواعي ، من اضافات نوعية للشخصية الانسانية ( من تطور في وعيه وتعميق ثقافته العامة بالاشياء ) ، دفعتها للرسوخ والتكامل في معركة ( الوجود ) ،
وقد ساهم انصهار تلك التجارب والخبرات الانسانية وتمازجت بتفاعل حي مع سائر النشاطات و ( الفعل الواعي ) للبشرية ،لتصل بعلم الجمال
الى تكاملية ( عقل / حسية ) في عصرنا الراهن ، ان المعنى اليوناني الاصل لكلمة الجمالية هو ( الذات الاستبطاني او الادراك بالترابط ) ولتوضيح هذا المعنى اقول :
اذا ما اخذنا الموسيقى باعتبارها ( ظاهرة فنية جمالية ) اساسها ( الحساب الزمني / اي البعد الوقتي بين النغمات والايقاعات الصوتية ) نجد هناك عدم وضوح وتداخل غير ظاهر لعناصرها اللحنية ، لكن الوعي ــ عبر الترابط ــ يعطي صورة مكتملة التناسق لها فيتذوقها ، اننا نستطيع تحديد
ميدان علم الجمال ، فهو ( الميدان الوسط بين ميدان المعرفة الحسية وميدان المعرفة العقلية )، ولقد ساهم الفلاسفة والمفكرون ، منذ العصر الاغريقي مروراً بالعصر الروماني ...الخ ،وصولاً للعصر الحديث ، في وضع المعالم الاساسية لذلك العلم ومنهجوا اساليبه ( أي وضعوا لها مناهجاً ) ونظّروا له ، كيما يضعوا له قواعداً وأسساً علمية تحدد وترسم له ( إطاره الآيديولوجي العام )، ورغم استعراضنا لأسماء فذة وبارزة في تاريخ الفلسفة والفكر
الانساني مثل ( هيراقليدس / صاحب اول مدرسة للجماليات في التاريخ ، ارسطو ، دافنشي ، شكسبير ، كانط ، هيجل ، ماركس ، سارتر ..وغيرهم ) ،
الا اننا نجد اختلافاً كبيراً بينهم ( يصل حد التقاطع بينهم احياناً ) في تحديد تعريف ( الجمال ) بشكل متفق عليه ومحدد الدلالة ، مما يضطرنا للتصريح ان للجمال مفهوماً ( نسبياً ) متصلاً بمتذوقه ، فما يصح ( من احكام وقياسات جمالية ) لشخص حول هذا الشيء الجميل ( أياً كان نوعه او جنسه الفني او الادبي قد تجعله يرتاح اليه ويبعث فيه حالةً من التوازن الممتع فكرياً او نفسياً ) ، قد لايصح لشخص آخر ، وهذا مبعثه ان لكل فرد ( ثقافة ووعي وفهم ) خاص به حول درجة جمالية ذلك الشيء وبالتالي مدى قبوله او رفضه وفق معاييره وقياساته الذاتية حول مفهوم الجمال ( ونعرف ان الثقافة والوعي عموماً تتحكم بهما جملة ظروف اجتماعية وتربوية وتعليمية وعوامل ميثولوجية وغيرها تختلف من أمة لآخرى ومن فرد لآخر ) مما يجعل ابناء البشر متفاوتين في درجة بحثهم عن الاشباع ( الفكر / حسي ) من الشيء الجميل عن طريق ( تحاورهم الجمالي مع ذلك الشيء الذي قد يكون لوحة تشكيلية او معزوفة موسيقية او قصيدة او اغنية ..وغيرها مما يدخل ضمن مفهوم الفن او الجماليات ) ، وكل ما أستطيعه هنا
هو محاولة ( التقريب ) بين تلك الاذواق وايجاد ( المشترك ) فأقول : ان الوصول الى لحظة ( استحسان العمل الفني ) يقتضي وجود حلقة اتصال حسية بين ( المُرسِل / الفنان ) و ( المُستقبِل / المتذوق ) ، وهذه الحلقة ترتكز على الهدف الذي يرمي اليه العمل الفني والذي يختصره السؤالان : لمن ..؟ ولماذا ..؟ ( كما ذهب بعض المفكرون ) ؛ الاول ــ لمن يُقدَّم هذا النوع من الفن ( ومنه الفن الشعري مثلاً ) ..؟؟ والثاني ــ لماذا نُقدِّم العمل الفني ..؟؟
فالفن يعمل على ايقاظ ( الوعي ) في الانسان ( هذه رسالته كما اؤمن بها في الاقل ) لانه يقدم نفسه بشكل ( فكري / تصوري ) تستفزُّ العقول والحواس وتهز جذورهما وتدفعهما على التفاعل مع مكونات العمل الفني وصولاً إما لحالة ( التطهير والنقاء الذاتي ) او لحالة ( الرقي الفكري والثقافي ) ، وهنا تكمن فلسفة ( الجماليات ) التي تقوم على عاملين متحدين ؛ الاول ـ الوحدة الانسجامية التوافقية ، والثاني ـ الجانب الحس / فكري المادي و يتجسد بشكل وأسلوب معالجة الفكرة صوتياً( الموسيقى ) ،او لونياً ( الفن التشكيلي ) ، او حجمياً ( الفن المسرحي ) ، او تصويرياً ذهنياً ( الفن الشعري ) ، او فضائياً ( الفن المعماري ) ..الخ
فالفن يتحرك وسط دائرة التلازم بين الحاجة ( الجمالية ) المتجددة لدى الانسان ، وبين الافكار الفلسفية ، وعلم الجمال انما يهدف الى ( تقريب جماليات الحقيقة ) التى لايمكن ان تظهر في الصورة الواقعية المجردة ..، وبقى ان نؤمن أنّ تقنين علم الجمال ( اي وضع القوانين الجامدة له ) يتعارض مع ( روح الفن ) المتمردة والباحثة
عن كل ماهو جديد ومجسِّد لحقيقة الصراع المستعر بين ( الاضداد ) في الحياة ، وهذا يتعارض تماماً من مفهوم التقنين ، فالفن وُلِد حراً ويعيش من اجل الحرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
من مقال لي منشور في احدى المجلات الادبية الفنية عام 2007
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ / باسم عبد الكريم الفضلي ـ العراق

ليست هناك تعليقات:

آخر الأخبار

3efrit blogger


أنا أبنك ياعراق وعاشگك حد الجنون لو تخون الدنيا كلها لا تظن أبنك يخون . أنا عــراقـي

تابعونا على الفيس بوك


مؤسسة السياب الإليكترونية تجمع ثقافي عربي بلا حدود

هل تعلمين .. وأنا أبحثُ عنّي ؟! كنتِ هنا فأكتفيتُ بأنكِ امرأتي التي حلمتُ بها لأرتديها قصيدة وألوّنها بالحروف . منى الصرّاف / العراق

# إبتسم .. الدنيا متسوه - ما إجتمع أربعة رجال بمكان واحد إلا وكانت النار وراء أفعالهم ! وما إجتمعت ثلاثة نساء بمكان آخر إلا وأحرقنّ الرابعة الغائبة ! منى الصرّاف / العراق

مؤسسة السياب للثقافة والآداب

مؤسسة السياب للثقافة والآداب

كل عام والمرأة اينما كانت بالف خير انتم نحن .. بعيدا عن فوضى الهويات .. نسكن الارض نفسها ونتنفس الهواء ذاته انه التعايش الانساني المشترك .. تجاوزنا حاجز الثقافة واللغة واسسنا لغة الجمال .. ( بقليل من الطين وكثير من الحب هكذا تصنع الاوطان ) منى الصرّاف / العراق

من منّا حين عجزت أدواته لم يحلم بفانوس سحريّ أو بساط طائر لتحقيق أمنياته ليصحو بعد ذلك لعيش قسوة الحياة ، كيف باستطاعتنا الدخول في معركة بمفردنا نعرف سلفا سنخرج منها بخسارة كبيرة ، حتى لو امتلكنا الشّجاعة لمطاردة أحلامنا ، فكيف نصل الهدف دون معرفة أدواته ، فللشجاعة أيضا أدواتها ، حين تكون اليد خالية فأحلامنا سرعان ما تذبل ، أمّا البطولة فهي تحدث فقط ! دون التخطيط لها . منى الصرّاف / العراق من رواية ( للعشق جناحان من نار )

روايتي ( بتوقيت بغداد ) وفي اول طرح لها في بغداد بعد مشاركتها في العديد من المعارض الدولية الصادرة عن دار النخبة في جمهورية مصر العربية ومجموعتي القصصية ( للخوف ظل طويل ) في طبعتها الثانية الصادرة عن دار كيوان في سوريا ستجدونها في بغداد - شارع المتنبي - مجمع الميالي في دار ومكتبة ... ( الكا ) للنشر وبامكان الدار ايصالها لاي شخص يرغب من المحافظات العراقية حين الاتصال بهاتفهم المعلن على واجهتها . الكاتبة والشاعرة منى الصراف

مجلة السياب الليكترونية / قــسم الارشيف

آخر المشاركات على موقعنا

لـــوجـه ابي بقلم الاستاذ الأديب جاسم العبيدي

أهلاً وسهلاً بك أنت الزائر رقم

الصفحة الرئيسية

مـن أجـل سـلامـتـك .... بـس خـليـك بالـبيت 🙆🙋🙇👫

مـن أجـل سـلامـتـك .... بـس خـليـك بالـبيت        🙆🙋🙇👫
نصائح للجميع حول الوقاية من جائحة كورونا: ١- أهمية التباعد الإجتماعي كون فيروس كورونا لم يثبت الى اليوم انتقاله عبر الهواء لذا خليك بالبيت وعند اختلاطك بالناس إحرص ان تكون المسافة بينك وبين الاخرين من متر ونص الى مترين . ٢- غسل اليدين بالماء والصابون بإستمرار ولمدة 40 ثانية عند خروجك من الأسواق والأماكن العامة وتجب ان لا تلمس وجهك أثناء وجودك بالأماكن العامة ، ويفضل عند تواجدك بالأماكن العامة أن ترتدي قفازات عند دخولك البيت يجب وإزالتها . ٣- لست بحاجة إلى ارتداء الكمام الطبي إلا اذا كنت تعاني من العطس او عندك شكوك أنك مصاب بفيروس كورونا ، ولكن يفضل إرتدائها عندما تكون في الأسواق والأماكن العامة حتى تتجنب لمس وجهك دون إدراكك على أن يتم رميها والتخلص منها قبل دخولك البيت وانتبه أن تكون إزالتها عن الوجه بالطريقة الصحيحة حتى تتجنب ملامسة اليد لها وذلك عن طريق رفع الخيط المتصل بالأذن اليسرى بإستخدام اليد اليمنى وسحبها باتجاه الإذن اليمنى أو العكس بالعكس دون ملامسة الوجة الخارجي للكمامة. ٤- إحرص على غسل مقابض أبواب البيت الرئيسية بالماء والصابون عند دخول أي فرد من أفراد العائلة.

About the site to your language

مساحة إعلانية

شروط النشر في مجموعتنا على الفيس بوك

1- يمنع منعاً باتاً مشاركة المنشورات والفديوات في النشر ولوحظ بعض المسؤولين والمشرفين بممارسة هذة الممارسه الخاطئة للاسف يمنع منعاً باتاً منح الموافقات للمنشورات الطائفية والتي فيها تجاوزعلى الذات الالهية والرموز الدينية والتاريخية ومنشورات الاعلانات التجارية 2- يمنع نشر بطاقات التهنئة للمناسبات الدينية والوطنية وتحية الصباح والمساء الامن قبل رئيس مجلس الادارة ومدير التحرير للمجلة ومن ينوبهما فقط 3 -تحدد المنشورة بمنشور واحد فقط للعضوا في اليوم اعتباراً من هذا اليوم1تموز2017 واثنين للمسؤولين والمشرفين تقديراً لجهودهم على الجميع الالتزام بما ورد اعلاه مع الشكر والتقدير للجميع . الاستاذ الأديب الشاعر ماجد محمد طلال السوداني مستشار مؤسسة مؤسسة السياب اليكترونية للادب والثقافة والمشرف الاداري العام للمؤسسة والمسؤول عن تنفيذ سياستها

مساحة إعلانية

مؤسسة السياب للثقافة والآداب للمزيد من المعلومات والاستفسار الإتصال بنا على الهاتف مراعاة الرمز البلد(العراق) 00964 07803776116

تــــنويــة

كاريكاتير اليوم

كاريكاتير اليوم