لك الخيار في ان تكون نخلة او ذبابة
على الرغم من إننا خُلِقنا بميزة عظيمة آلا وهي العقل وميزنا الله على مخلوقات هذه الأرض إلا أننا مجتمع يصل للفوضوية في الكثير من أركانه وهذه الفوضى سببها الأنسان نفسه ، قد تكون اي الفوضوية صفة طبيعية متوارثة او قد تكون مكتسبة من الاخرين ، فاصبح لدينا بعد ذلك جيلا لا يتحمل المسؤولية ولا النظام ولا يلتزم بالعمل الجمعي وعدم ادراكه حقيقة او قيمة الوقت وكيفية أستثماره ولا يعرف كيف يعالح مشكلاته في حين هو بارع في البحث عن اخطاء الاخرين ويجعل منها هدفا ليشعر بالنشوة والنصر وأن كان زائفا ، ونلاحظه قد أضاع بوصلته في الحياة .. وفكر له مشتتا لا يعرف مالذي يريده بالضبط ويشعر بالملل في عدم تحقيق اهدافه الكثيرة والتي استنفذت منه كل طاقاته واصبح شخص يعيش بالاحلام دون خط لمسير واضح .
ونلاحظ ايضا إن البعض لا يؤمن بالعمل الجمعي إن لم يكن له فيه دور للبطولة او الزعامة حتى في علاقاته البشرية ك رجل او إمرأة نجده لا يؤمن في أن يكون لهذه الأنثى صديق او رفيق درب إن لم يكن هو البطل الأوحد فتحكمه الغرائز على نعمة العقل . وهناك من يأبى إلا أن يكون ك الذباب لا يقف إلا على الجروح والقروح والنتانة ليزيدها مرضا ونجده يفسد في ترحاله او تنقله اينما وطئت قدماه .
كلنا نعلم أن ملكة النحل هي أهم فرد في مجتمع النحل إلا إن البعض قد لا يعلم بأنها لاتحكم الخلية على الاطلاق ، غير انها تنتج الهرمونات وعملها الحقيقي هو انتاج البويضات حتى انها لاتقوم برعاية ابنائها بل تأخذ هذا الدور عنها العاملات اللاتي يحتضن صغار النحل ويطعمهن الطعام ، فالذي يحكم الخلية هن العاملات انفسهن وهن من يقررن متى واين يجمعن رحيق الازهار وحتى هن اللواتي يقررن متى يستبدلن مليكتهن باخرى وهن من يحددن متى عليهن الهجرة وبشكل حشد كبير لتشكيل خلية جديدة ( العمال هم مصدر القرار ) .
ملكة وعاملات ونظام وانضباط متناغم مذهل ومثالا يحتذى به في التعاون والمحبة ، والكل يعمل حسب موقعه ودوره وعمره الزمني .
فلهذه الخلية مهندسات ، بناءات ، عاملات ، كيميائيات ، خادمات ، حارسات ، مقاتلات ، فدائيات . مجتمع متكامل كما هو مجتمع الأنسان ، الفرق هنا بين هذه الحشرة وعقل الانسان الكبير ! الفوضوي الغير متزن ! وبين الاخر الذي يعيش في طائفة يتكامل وتكافل فيها الجميع وكأن كل فرد فيها عبارة عن خلية في جسم واحد ، الكل يخدم ويعمل بالتساوي . فتلك الخلية التي تعمل بنظام ( لا تخرب ولا تؤذي إلا من هجم عليك ظلما ) ، تعمل بصمت ولا تنتظر منصبا او مكانا في الخلية بل تعمل وهي تعلم ان نهايتها الموت . فنجدها صبورة قوية ذو عزيمة وشكيمة وتحب الجماعة ولا تتصيد الاخطاء بل تعالجها . ( تأكل الطيب وتصنع الطيب وأذا وقفت على عود لم تكسره ولم تفسد ) . ماذا لو كنا كما النحل اذا عملنا كان عملا طيبا ينفع الاخرين واذا انتج شيئا كان انتاجه من الطيبات ، ويعمل على اخضاع ذاته لقواعد العمل الجمعي والقانون وتحكمه الاخلاق كي لا تسود الفوضى او يسود الظلم .
هنا سيكون لدينا الخيار اما أن نكون نحلة نصنع العسل لمن نحب ونحترم الاخرين ونقدرهم ، كل في موقعه ونعمل على تكملة احدنا الاخر او نكون ك الذبابة نتبع الجروح والقيء والنتانة ونفسد كل الزوايا .
منى الصراف / العراق

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق