{ لامحايثة المحايثة* }
قراءة شكلانية عجولة في نص "عرابة الحزن"
للشاعر العراقي"مهدي سهم الربيعي":
النص :
-------
استسلمتْ لصمتٍ مفترس ..اثكلها أجملَ ما لم تبحْ به ذكرياتُها السائلة ..
تقطرُ من عينيها ذائبةٌ ..
منذ أن قررتْ فطمي .. جسدي المنهكُ بأوراقِها الفجريةِ الطرية, يرتجفُ لتشبعهِ الطويل
بأجواءِ قرونِ الحزنِ التي مرتْ على زي فارسِها العتيق ..
بعد شهورِ إدماني على لذةٍ معربدة ٍ ربتها في دمي طوال معاشرتي الليليةِ لأطوارِ
مشاعرِها التائهةٌ في أزمنةٍ ..بذرتها الحقب المسرفة ..
مخيلتي المتحفزةُ ..تقبضُ على وقائعٍ هائمةٍ تستردُها ذاكرتي ..كلما ألقمتني حلمتَها
المتجمرةِ بأمومةٍ بربرية ..
طعناتٌ حقيقيةٌ نازفةٌ ..لا يسكنها سوى حليبِ الدامياتِ الدسمِ الذي اشبعَ كل ولاداتي ,
التي طردها الجوعُ من الذاكرةِ ..
أمامُ المشهدِ المغتصبِ لليلتِنا ..بتُ أرنو إلى نبضاتِ قلبِها المتصاعدة بين رغبةٍ وتمنعِ .عكسَ القمرُ شحوبَه على وجهي ..اشعرُ بعطشٍ ناري .
اقتربتُ..طالبا المزيدِ ..تساءلتُ بصوتٍ سلخَ الحزنُ نغمتَه
توقفتُ…أمامَ تدفقِ دموعِها بغزارةِ شلالٍ ..ليس بحليبي ..؟!
وسطُ بقعةٍ طينيةٍ واسعة .. نشرتَها الدموعُ حول قدمي .،أردفتْ بعد صمتٍ جعلَها تبدو
كنافورةٍ حية ..
لن أسمحَ لك بالمزيد ..انها حكايةٌ ناقصة .
--------------------------------------
القراءة :
--------
تتجلى لامحايثة المحايثة النصية في البنية الدلالية للعديد من مركبات العبارات المقطعية كما :
( منذ أن قررتْ فطمي /.. جسدي المنهكُ بأوراقِها الفجريةِ الطرية .../ يرتجفُ لتشبعهِ الطويل / بأجواءِ قرونِ الحزنِ )
ومن اللامحايثات :
(إدماني على لذةٍ معربدة ٍ / مخيلتي المتحفزةُ / طعناتٌ حقيقيةٌ نازفةٌ ./ ......حليبِ ..... اشبعَ كل ولاداتي / تدفقِ دموعِها بغزارةِ / لن أسمحَ لك بالمزيد ..انها حكايةٌ ناقصة ..) هذه الفسيفسائية { لامحايثة / محايثة } ، سخر من خلالها الشاعر من النقاد وجذبَهم ، من حيث يدرون او لايدرون ، الى ميدان ( الانطباعية ) او شخصنة التأويل ، مستفزا اياهم ان يدخلوا عالم نصه وهم عراة من جلودهم الحرباوية ، و ( عدسات عماء الالوان ) المستوردة ، يخدعون بها انفسهم حين يتوهمون انها تصحح فوضى بصيرتهم القرائية .
...........................................
* المحايثة : عزل النص والتخلص من كل السياقات المحيطة به. فالمعنى ينتجه نص مستقل بذاته ويمتلك دلالاته في انفصال عن أي شيء آخر.
....../ باسم الفضلي العراقي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق