قصة أبيات شعر :
قبل عدة أيام استمعت الى أغنية لناظم الغزالي تقول ابياتها :
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلّا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
قال الشاعر ابو نؤاس هذه الابيات في أواخر حياته . ومن المعروف أن له كثيراً من الشّعر والحكمة كما له روائع في الخمريات والمجون . ولهذه الأبيات قصة جميلة ، رويت بشكلين مختلفين ولكن المضمون واحد ، وهما باختصار شديد :
1 ــ قال : محمد بن نافع الواعظ رأيت أبا نؤاس بعد موته في المنام
فقلتُ : ما فعل اللهُ بكَ ؟
قال : غفر الله لي .
قلتُ : بأيِّ شيءٍ ؟
قال : بتوبةٍ تـُبتـُها قبل موتي ، وبأبيـــاتٍ قلتـُها ،
قلتُ : أين هي ؟
قال : عند أهلي ، فسرتُ إلى أمهِ ، فلما رأتنـي أجهشتْ بالبكاء .
فقلتُ لها إني رأيتُ كذا .. فهدأتْ وأخرجتْ لي كتاباً ، فوجدته بخطـِّهِ
وذكر الابيات اعلاه .
2 ــ أن القوم عند تغسيله وجدوا في جيبه رقعة ، كتبت عليها الابيات المذكورة ، وعندما سألوا زوجته عنها قالت هو كتبها اليوم قبل وفاته .
وابو نؤاس (146هـ-198هـ/763م-813م) هو الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الفارسي الأصل الحكميّ بالولاء ولد في الأهواز . توفي أبوه وهو صغير وعندما بلغ السنتين قدمت به أُمه الى البصرة وتعلم اللغة العربية وأحب الأدب . وقد عمدت أُمه الى تشغيله مع عطار في البصرة ومع عمله لم يترك ولعه بالشِّعر إلى أن صادفه عند العطار "والبة بن الحباب" شاعر المجون الكوفي فأعجب كل منهما بالآخر ، فذهب معه الى الكوفة وبقي معه
وتعرف الى شعراء الكوفة وتخرج عليهم حتى أصبح أحد أهم الشّعراء ورحل إلى بغداد واتّصل بالبرامكة وآل الربيع ومدحهم , واتصل بالرَّشيد ومدحه بقصائد كثيرة ومدح محمد الأمين ثم انتقل إلى دمشق ، ومنها إلى مصر، فمدح أميرها الخصيب ، وعاد إلى بغداد فأقام إلى أن توفي فيها ويوصف بانه (( أشعر المحدثين بعد بشار وأكثرهم تفنناً وأبدعهم خيالاً مع دقة لفظ وبديع معنى )) .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق