وعي الفردوس عصر الطائر الخرافي بقلم الاستاذ ال المفرجي الحسيني

وعــي الــفردوس عــصر الطــائر الخرافي

----

أعلن الناقوس بدء الصلاة، نقرض لآخرتنا، مؤمنين ،مشيت وقريتي في الزمان، أيماني، يحثّني، أسوق بالآخرين ،نزعتُ يده عن كتفي، عرجت الى بيتي ،أتنعّم بدفء السرير ،سألته قبل ذلك: ما ذا يوجد فوق؟ قال: فردوس ونار ،قلت: هنا فردوس ونار، مروج وأنهار ،قال: والثعبان

قلت له : ما أكثرها عندنا، على كل شجرة ،شارع وزقاق ،قال: ما ذا تريد بعد الموت ،قلت: وها.. أموت ،قال: لست مخلدا ،قلت : يا قريتي أنا أتجرع كأس الحياة ،حتى بعد الثمالة، ما ذا يهمني إن متّ ،أن تذكر لي كأس الحياة آثام، ما أكثرها؟ ،أدمَتني ووسّعت جروحي ، لا بد لي من تسوية الحساب ،لقد جندلتِ روحي، وأصفادك هي القرين ،كالظل لا ينفك يتبعني، بدون رحمة ولا إشفاق ،يدّس أنفه في كل أمور حياتي، حتى الصغيرة ،ويطعنني، حتى يوسوس الشيطان له، يقتلني ،لكن بعدها هو، سيموت ،قاب قوسين أو أدنى من حتفي ،لأنهض وأصلّح بعض شأني، الخانق روحي، وأطبطب على صدري، لأحقق ذاتي الباقية ،ربما هناك حلول أخرى لِبقية الأيام.. استيقظت ذات صباح، وجدت نفسي أنا نفسي

رأسي المنفوش الشعر، الجسم الناحل الواهن ،لكن لم اقدر أن أحبّ، ما حولي ،لا زالوا أوباش ،قصدت الشارع العريض، حيث البؤس والشقاء

عجبت، مالي بعضهم صار جرذا كبيرا ،آخرون ،حشرات زاحفة ،لا تلبث أن تكون وجبة طعام ، للجرذان الكبيرة ،يمضغونها بشراهة عجيبة، في الساحة الكبيرة ،هرٌ اسود، عيون براقة، مخالب مدببة ،يلتهم الجرذان ويتلذذ، مع أن الجرذان أحاطت به، اعتلى مرتفعا في الساحة، كان صديقهم

أمسكت به الجرذان، فارتاحت الحشرات ،قطعّوا جسده بأنيابهم الحادة، مزقّوه شر تمزيق ،لم تبق له جثة، توزعت قطعا في بطون الجرذان

تجمعت الحشرات، تعلن العصيان ،تحلم بعالم جديد، وحدهم أحبّوا شارعهم

تراصفوا، خشية أن تسرقه الجرذان ،دم الهر ساح على الارض، ألتصق بأرجلهم ،انطلقوا الى شوارع أخرى، مناصرة الى نوع من الحشرات ،ألقوا رحالهم، مناصرين، ظلالهم تتبعهم ،إذا بألوف من الصراصر، تناصرهم ،من على السطوح، من شقق الارض والجدران ،احتشدوا على الارصفة والطرقات ،يحثوا بعضهم البعض، هذا هو عصر الحشرات

نقاتل أن أمكن، حرب العصابات تحت رايتنا الجدباء، يسكت الهرر والجرذان ،ليأكلوا قلوبهم، يتجرعون الكاس الزؤام ،: تنكرون علينا أبسط ما في الحياة ،شقوق الارض، جذوع الاشجار ،صار موتكم ،نهايتكم قريبة، بأرجلنا ،إنها تبرق كالسكاكين، يقينا سنذبحكم قبل أن تتجمعوا، سينصرنا ،حشرات البحر والسماء ،سنرقص حتى الفجر ،منا حشرات الضوء، منا حشرات الطعام ،للأبدية نحن نعيش ،ننسل بالنور والظلام، نشاهد نهايتكم ،مسرورين بها.. أحذف إسمي من ذاكرتي، وذاكرة الزمان

لأني في هذه الحياة، وَهَم ،لكي أنعم بهدوء، ما تبقى من أيام معصرات

مهما حاولت أن أوهم نفسي، أني حيّ ،وأنني، بعد كل غفوة أنهض

أنا لست الطائر الخرافي، أنهض من رمادي ،عندما تحركه الريح

إن أردت الحق، ما كان ينبغي أن أولد، وأن أكون ،لان ما فيه خيال، ظلال ،سرعان ما يزول ،خطأ مني أم من المكان؟ عرفت ذلك أم لم أعرف ،أنا لستُ سوى ماكنة لالتهام الطعام، وجرّة لِخزن الماء ،شبح قادم من الزمن الاغبر، اللازمان ،ظهرت فجأة ،عارٍ، كرهت وجودي ،منذ ظهوري بصراخ ،لا ينقطع ،ثم أختفي كما ظهرت، لا يتذكرني أحد، حتى تزول، كومة التراب على مثواي، ويتهدم شاهدي يصبح ساحة لِلِعب الاطفال، ما شاءوا أن يلعبوا.. أملك الوعي والجوهر، مصباح دري يضيء عذابي لحظات يبدأ، عند غزو الشر، أتقيه، أستظل بالاتقاء ،

اتقاء ما أتقي ،أشعل زماني زهوا، ماهيته غائبة، في مساحات دمي وروحي ،كمصباح نجمي ،أشير بأصبع الى الشر الذي أتقيه

الشر شاهد تحت أظفري، كغائب في لحمي ودمي أعي وعيّ، نبع يغرقني ألقي حجارة تستحيل وردا، لذاكرة منسية ،جوهر الذاكرة غيمة ماطرة فرار الى اللانهاية، الى بحر الزمان أغوص، واشرب البحر على غير عادتي...

**********

المفرجي الحسيني

وعي الفردوس عصر الطائر الخرافي

العراق/بغداد

28/7/2020