قصة قصيرة ~ لهب ودماء
في سُكُونِ اللّيلِ ، و عَلى أصّواتِ هسّهسّةِ الحَشّرات ، مَكثَ غيرَ بعيدٍ على تلةٍ ، يشرفُ عَلى منزلِها
، ومِنْ نافذتِها المُضئةِ ، يراهَا ترقصُ عَلى أنغامِ أُغنيةٍ لفيروزَ ، وترتدَي لباسَ العرسِ، وتروحُ وتأتَي أمامَ المرآةِ ، وتُسّرحُ شعرُها المتّدلي كشّلالِ ماءٍ ذهبِي ، يصلُ إلى منتصفِ ساقَيها ، وقدْ أقبلتْ سياراتُ المدّعوين ، لحفلةِ خُطبتِها،
وهوَ يعتصرُ ألماً لإنّها لمْ تعدْ لهُ.
وفي هذه الأثناءُ و قبلَ ولوجِ المدّعوينَ للداخلِ ، انهمرَتْ قذائفُ الحقدِ والإرهابُ على المنّزلٍ ، ولّى المدعون هرباً ، وبَدتْ ألسنةُ النّارِ تلتهمُ المنزلَ ، وهي تصيحُ وتتستغيثُ ، ولا أحدٌ منْ مجيبُ ،
يقفزُ منْ فوقَ سورِ المنزلِ ، ويتجاوزُ ألسنةَ اللهبِ ، ليجدَها مضرجةٌ بالدّماءِ منْ إصابتِها ، مبتورةٌ إحدى قدمَاها، فيحملُها على كتفِهِ وينقذُها وهو يجري بِها إلى سيارةٍ عابرةٍ ، وينقلٌها للمشّفى، وبعدَ إفاقَتِها منْ غيبوبتِها ، لتنظرَ لتجدَ حبيبُها الأولَ يمدُ يدَهُ ليتبرعَ لها بالدّمِ لينقذَها مرتَين .
ففاضتْ عيونَها بالدّمعِ ، وانهمتْ باكيةً ، كادَتْ ـ أنْ يُغمَى ـ عليّها مرةً آخرى .
بقلم أحمد خليف الحسين
سوريا ـــ حلب
15/ 3/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق